تدفّق الطاقة
إن الطاقة تنساب دوماً مع أنغام المحبة.. والحب هو المفتاح الذي يجعل الطاقة تتدفق وتغدق....
أينما وجد الحب فإن الطاقة تسير باتجاهه، تماماً كشلال الماء المنهمر.. النهر يعرف طريقه نحو البحر.. والفراشات تعرف طريقها نحو الزهر.... فلماذا لا تشرع بوابات قلبك للحب قبل أن تصل إلى حافة القبر؟؟
الأسماك لا تحتاج إلى خريطة لتسبح في المحيط، والأزهار لا تحتاج إلى معلم يعلمها كيف تنشر الشذا والعبير، وكذلك الحب لا يحتاج إلى خرائط أو مخططات بل ينساب بكل صمت ورضى واستسلام....
إذا لمستَ شجرة ما بمحبة وود عميقين ستبدأ الطاقة بالانسياب والتدفق...
أمسك حجراً بيدك بحنان واهتمام كبيرين، أغمض عينيك، واشعر بحب عميق وامتنان شديد تجاهه، تأمله بشغف وصمت وكأنه يستقبل ذلك الحب ويبادلك إياه...
ستشعر فجأة بنبض وتدفق الطاقة... فالحجارة ليست صماء أو خرساء، بل تنبض وتخفق كالقلوب بالحقيقة المطلقة الواحدة... الألوهية تتجلى في كل شيء، حتى في أصغر الأشياء وأبسطها... كل شيء مميز فريد... كوني لأنه من روح الله ونوره... الحب دفء وسخاء... والبغض جمود وفناء..
في حالة الغضب أيضاً تجري الطاقة، لأن شيئاً ما قد تم تحريره وهذا يفسر سبب شعور الناس بالراحة بعد الغضب... ولكن هذا التدفق للطاقة سيكون هداماً لا بناء... يمكنك أن تجعله خلاقاً ويصلك بنور السماء إذا تم تحريره من خلال المحبة والإخاء:
اجلس بصمت قرب إحدى الأشجار، وتذكر شيئاً ما أو شخصاً تحبه، امرأة، رجل، طفل، أو زهرة... وستشعر فجأة بانسياب الطاقة وتدفقها... وستصبح يوماً ما قادراً على الحب للحب فحسب، دون أي هدف أو رغبة، لترقص مع الطبيعة بكل طبيعية وعفوية، فدرب المحبة غير محدود ولا محصور.. لا بداية له ولا نهاية... لأنه من نور الرحمن وهو الهدية والهداية...
رحلة الحج من العقل إلى القلب
العقل مشغول باستمرار، يحلل ويحرّم... يحسب ويحاسب.. يناقش... يجادل... آن الأوان لكي يستريح قليلاً... ارجع إلى قلبك منبع النور والعطاء... ثق به، واتصل معه، فالقلب له طريقه الخاص، طريق الحب والحق، إنه يتحدث بلغة المشاعر والإحساس، أما العقل فيتحدث بلغه الكلمات والأفكار...
الإحساس هو الحياة الحقيقية الطبيعية.. أما التفكير فهو الحياة الزائفة الكاذبة... لأن التفكير هو حول الأشياء دائماً، وليس جوهرها الحقيقي، فمثلاً يمكنك أن تفكر بالماء بقدر ما تريد، ولكن لن تروي عطشك بهذا التفكير أبداً... عليك شرب الماء والإحساس به... التفكير نشاط خادع واهم، لأنه يمنحنا إحساساً كاذباً بحدوث شيء ما، ولكن لا شيء يحدث أبداً...
الأفكار ما هي إلا سراب، دخان متصاعد يعمي البصر والبصيرة، لكن عندما يتبدد هذا الدخان ويتلاشى لن يبقى إلا النور الأبدي الأزلي..
فودّع سجن الأفكار الضيق المظلم، وحلّق في آفاق قلبك بلا حدود، بلا سدود... إلى حيث تنطوي كل السماوات والأسرار...
الحج الحقيقي هو من عالم العقل والأفكار إلى عالم القلب والإحساس، وأفضل طريقة لذلك هي التنفس من القلب:
خذ نفساً عميقاً، اشعر به وهو يتغلغل وسط الصدر وكأن الوجود والحياة، الطبيعة والألوهية كلها تنصب وتنهمر في داخلك متوحدة مع نبض القلب وحنايا الوجدان... الوجود كله قلب واحد، نَفَس ونبضٌ واحد... إنها وحدة الأكوان والمكوّن... ثم ازفر بعمق من القلب أيضاً، وكأنك تُعيد كل ما مُنح لك من محبة وكرم وعطاء من جديد، للوجود، للحياة، للرحمن...
يمكنك القيام بذلك عدة مرات خلال النهار، شرط أن تأخذ خمسة أنفاس عميقة متتالية على الأقل في كل مرة...
سيساعدنا هذا على الانتقال من الفكر إلى القلب لنصبح أكثر إحساساً وحساسية، أكثر وعياً وإدراكاً لعدة أمور لم نكن نُعيرها أي اهتمام في السابق... سنشم، نتذوق، نلمس، نرى، نسمع، بحساسية مرهفة كنوز الروحانيات سيكون إحساسنا بالحياة والطبيعة والوجود بلا حدود، ليغدو للحب في قلوبنا مساحات شاسعة واسعة لا نهاية لها ولا بداية...
هذه هي حجّة السلام، حجّة الصفاء، من الخارج إلى الداخل،