كثرة الأسأله حول هذه الرياضة و دعوتها و اليوم أضع لكم الموضوع منقول من كتاب العالم الروحاني الكبير الشيخ أحمد بن علي البوني (( شمس المعارف الكبرى و لطائف العوارف))
رياضة سورة الأخلاص و دعوتها
أعلم وفقني الله تعالى إلى طاعته و فهم أسرار أسمائه ، أن رياضة سورة الأخلاص و دعوتها جليلة القدر و هي مما نبه عليه بعض الخواص من الفضلاء.
يحكى عن الشيخ عبد الواحد الأندلسي رضي الله عنه قال : إنني مكثت مدة سنين و إن هذه الرياضة عندي ، فتجهزت من بلاد المغرب إلى أن وصلت إلى مصر ، و توجهت لأرض الحجاز الشريف، و أقمت سنة مجاوراً ، و توصلت إلى ذلك الرجل و أهديت له هدية فنية ، و أقمت مدة أصحبه و لم أفاتحه في شئ من ذلك ، فلما طالت الصحبة بيني و بينه جعلنا ذات يوم نتفاوض في حديث الرياضة، و ما ذكره لي بعض الأولياء رضي الله عنهم في سلوكها، و أن أصل الأمور تقوى الله تعالى ، و صفاء النيه ، و الأخلاص، و طلب الدار الأخرة، و الدرجه العليا من الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين حسن أولئك رفقاً.
فقال لي الشيخ من تلقاء نفسه والله يا أخي عبد الواحد ما أنا في بركة و خير إلا من رياضة سورة الأخلاص فتبسمت ، فقال لي : ما تبسمك أفتهزأ بما قلت لك ، فقلت حاشا لله تعالى أهزأ بصفة الرحمن عز وجل رب العزة و العظمة، لكن السبب في تبسمي أني والله ما قصدتك من بلاد المغرب و صحبتك إلا بسببها فقال : هكذا تقول بحق رب هذا البيت فقلت : نعم فقال لي : قال رسول الله (ص) من قصدنا وجب حقه علينا ، و أنا تابع بقوله متمسك بشريعته إذ قصدتني وجب حقك علي ، و أنت من أهل العلم و قصدتني من بلاد بعيدة و عندك صبر جميل ، فإن لك مدة و لم تعرفني ، أما سبب صحبتك لي فيدل على كثرة عقلك و حسن معرفتك إني و رب هذا البيت ما أمنعك منها ، فقبلت يده ، و قبل رأسي و قال : غداة غد أن شاء الله تعالى أعرضها عليك و أعرفك طريقتها ، فدعوت له بحسن العاقبة ، فما نمت تلك الليلة من الفرح ، فلما بكرت إلى الكعبة الشريفة ، و صليت الصبح، و طفت بالبيت ، و إذا بالشيخ جالس في مكانه بالأمس ، فأتيت إليه ، و قبلت يده فقال : أتدري ما أقوله لك ، و ما أشرت به لك قلت : لا والله قال : والله أفادني شيخي عبد الصمد الخوارزمي أسماء تلوتها وقت النوم عشر ، و أصلي على النبي (ص) : و أسأل الله تعالى كشف ما أريده ، فيكشف لي ببركة هذه الأسماء ، و أن فعلت ذلك هذه الليلة ، و سألت الله تعالى، أمرك و كان قصدك بهذه الرياضة الشريفة قصداً دنيوياً أو أخروياً، و هل أفعل أو ما أفعل من عطيتي لك ، فرأيت شيخي عبد الصمد الخوارزمي في النوم ، و قال يا أبا عبد الله سألت عن حال عبد الواحد ، أو ما قصدتك بسببه من الرياضة الشريفة فلا ترده خائباً منها ، فهو من أهل الخير و أهل لذالك ، ولكن عاهده على حفظها و كتمها عن غير أهلها ، و عرفه أنه متى غير نيته حصل له من خدامها الأذى البالغ ، و نسأل الله تعالى العافيه.
و قال لي أقرئه عني السلام قال عبد الواحد : فبكيت بكاء عظيماً و سجدت شكراً لله تعالى ، ثم عاهدني عند الحجر الأسود أن لا أوصل هذا السر العظيم إلا لأهله ، و أوصاني بتقوى الله تعالى ، ثم دفع لي صحيفة ، و فيها صفة هذه الرياضة الشريفة فيها مكتوب :
أنه من أراد رياضة سورة الأخلاص ، فعلية بالأخلاص ، و أنه يتطهر و يتنظف و يغتسل ، و يجلس في مكان خال عن الناس بحيث أنه لا يكلم أحداً إلا الله تعالى في المدة المذكورة ، ولكن الذي يخدمة رجل صالح ، ناصح في الخدمة ، حريص على الطهارة و النظافة ، و أن تصوم للتريض أول الخميس في الشهر كان ، و يتم صيامك خمسة عشر يوماً صياماً عن غير ذي روح ، و لكن فطوره على خبز الشعير و الملح و الزيت ، و يتلو السورة الشريفة كل يوم خمسة الآف مره عقب كل صلاة فريضة ألف مرة ، و باقي أوقاتها تيسر من التلاوة ، و الذكر ، و الصلاة على النبي (ص)، من تلاوتها ستة عشر ألف مرة.
و يدعو بهذا الدعاء المبارك يقول :
اللهم أني أسألك يا واحد يا أحد ، يا فرد يا صمد ، يا من لم يتخذ صاحبة و لا ولداً ، يا من لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد ، أسألك أن تسخر لي خدام هذه السورة الشريفة أن يجيبوني إلى ما أريد أنك فعال لما تريد ، ثم تقول : أقسمت عليكم يا خدام هذه السورة الشريفة ما تعتقدونه و إلا ما أسرعتم بالأجابة ، فحينئذ يدخل عليك ثلاث ملائكة وجوههم كالقمر ليلة البدر عند تمامه ، لكن وجوههم كبار الأتراس ، نورهم يكاد يخطف الأبصار فيقولون : السلام عليك يا عبداً صالحاً و رحمة الله و بركاته نحن خدام هذه السورة العظيمة فما الذي تريده منا ؟ فترد عليهم السلام و تقول : أريد منك إكراماً و إجلالاً و تعظيماً ، لمن هذه السورة صفته ، أن تخدموني و تطيعوني فيما أمرتكم به ، و لكم علي أن لا أريد منك إلا حاجة ترضي الرب، فيقولون السمع و الطاعة ، قد برينا قسمك ، و أجبنا دعوتك ، ولكن لنا عليك شرطان من يومك هذا و ساعتك هذه : لا تقع في معصية و لا كذب ، و لا تأكل الثوم ، و لا البصل ، و لا السمك ، و تصوم يوم الخميس دائماً ، تتلو في ذالك اليوم و الليلة و هي ليلة الجمعة السورة الشريفة 10000 مرة تهدي ثوابها لأموات المسلمين ، و أن لا تقطع صيام يوم الخميس إلا أن يكون نهار عيد ، و أن لا تبطل غسل الجمعة ، و أن تزور المقابر كل نهار سبت قبل طلوع الشمس ، و تقرأها إحدى عشرة مرة ، و تهدي ثوابها لأموات المسلمين فتقول :
نعم والله يهدي السبيل والله علي من الشاهدين بذالك ، فحينئذ يصافحونك ، و يقولون لك قد صرت اخاً لنا من إخوتنا ، فأي حاجة طلبت نقضيها لك إن شاء الله تعالى ، فتقول لهم : اعطوني كل واحد منكم إشارة أطلبة بها ، فيقول لك الأول : أنا أسمي عبد الواحد فأتل السورة ، و قل يا عبد الواحد أجيبك و لك علي أن أحملك إلى مكة و أردك إلى منزلك في ساعة واحدة .
ويقول لك الثاني : و أنا أسمي عبد الصمد فأتل السورة إلى عند - قوله - الصمد، و قل يا عبد الصمد أجيبك باذن الله تعالى ، و لك علي إحضار ما أردت من المأكول و المشروب و الفضه و الذهب من مباح الأرض الحلال .
و يقول لك الثالث : أنا أسمي عبد الرحمن ، فأتل السورة و قل : يا عبد الرحمن أجيبك بأذن الله تعالى و لك علي ثلاث شروط : تغوير المياه الموضوعة و أن أخفيك عن أعين الناس ، و آتيك من البلدان بالأخبار ، فعند ذلك تسجد لله تعالى شكراً على هذه النعمة العظيمة ، و تقول لهم شكر الله سعيكم ، و جزاكم الله تعالى خيراً، فاحتفظ بها و اخفها عن الجهال فهذه أمانة مني و السلام.